هل نحن في حاجة لمن يحكمنا؟

صورة تعبيرية عن حيرة، مجسدة

لقد ولد الإنسان حرا طليقا، يعيش حياة بسيطة لا نكد فيها ولا كدر، يسير نفسه بنفسه، وينتقل بحرية أنى شاء، وإذا أغمض جفنيه نام لحظتها بلا عناء .
لكن بتزايد البشر على سطح الأرض، ظهرت الخلافات والنزاعات، وأزهقت الأرواح وأسيلت الدماء،  ورفع شعار البقاء للأقوى وأن لا قانون عدى قانون الغاب.

استمرت هاته الفترة التي أطلق عليها المفكرون حالة الطبيعة، فترة من الزمن، أدرك من خلالها الإنسان ضرورة التفكير في حل عملي يفيد الجميع، رغبة منه في الخروج من هذا المأزق الذي ورط فيه نفسه، والذي يضطهد فيه الضعيف ماديا ومعنويا أيضا، ويصيح فيه القوي:” أنا فرعونكم فاعبدوني” .

واهتدى الإنسان أخيرا،  إلى ضرورة التنازل عن بعض حقوقه الطبيعية، وتفويض أمره لشخص واحد يحفظ له حياته، ويضمن له حقوقه، ويخرجه من حالة الفوضى إلى حالة المدنية. ولابد لهذا الشخص المنتقى أن يحرص على تلبية أمور من أمَّنُوه  على أنفسهم، ومنحوه ثقتهم، وعقدوا عليه أملهم، وأن يخرجهم من حياة القهر والظلم إلى حياة الرفاه والسعادة. كما أنه من حق أولئك أن يقيلوه إن هو نقض العهد الذي ألتزم به، وأن يُعَوّض بشخص آخر ربما يكون أوفى منه.

هكذا أرخ الفلاسفة والمفكرون للفترتين التي عاشهما الإنسان، وذهبوا إلى أنه تمكن من الخروج من حالة الفوضى (حالة الطبيعة)، إلى حالة القانون والنظام (المدنية).

دور من يحكموننا إذن هو أن يضمنوا لنا حقوقنا، ويؤمنوا لنا حياتنا، ويسهروا على راحتنا،  ويزيلوا عنا الشقاء المادي الذي ولَّد لدى غالبية الناس الشقاء المعنوي

لكن وللأسف الشديد، قُلِبت الآية، وأصبح من يحكموننا لا يضمنون ولو النزر القليل مما هو مفروض عليهم تأمينه. بل تراهم يغتصبون حقوقنا التي هي ملكنا وخاصتنا، ويتصدون لنا بألوان القمع والتعذيب فور مطالبتنا بها.

عاد الظلم والجور كما كان وريما أكثر ، القوي يأكل الضعيف أكلا، والضعيف يئن أنينا، لم نأخذ نصيبنا من ما تزخر به بلادنا،  ولم تستغل عائدات تلك الثروات فيما ينفعنا، بل استولو عليها تاركين الشعب فَاغِراً فاه، مسيلا لعابه، فليبق على ما هو عليه، ولينعموا هم فهذا رزقكم، هنيئا مريئا.

عدنا لحالة الطبيعة إذن، وقد خان من أمّنَّاهُ على أنفسنا عهده الذي عاهدنا به، فما حاجتنا إليه مادام معرضا عنا رافضا منحنا حقوقنا المشروعة ؟

رأيان حول “هل نحن في حاجة لمن يحكمنا؟

  1. شكرا لك على هذه التدوينة المميزة 🙂 العنوان قد يختلف بنسبة طفيفة مع المحتوى أو المضمون، نقلك لتلخيص الفلاسفة أعجبني و هو يقدم وجهة نظر للتقدم الحضاري و الإنساني. بالنسبة للفكرة الأساسية، نعم أوافقك إن كان الحاكم كما هو الآن فلا حاجة لنا به لان ليس له أدنى فائدة. لكن إن كان حاكما يحترم شعبه و يخدم وطنه فأهلا و مرحبا به، المشاكل التي تتعلق بنظام الحكم هي مشاكل نتجت عن سنوات و سنوات من الاستعباد و رضى الشعوب بهذا الاستعباد. أشكرك مجددا 🙂

  2. اني‏ ‏ارى‏ ‏ان‏ ‏الانسان‏ ‏سلم‏ ‏نفسة‏ ‏وعقلة‏ ‏للاخرين‏ ‏لتنظيم‏ ‏حياتة‏ ‏لكن‏ ‏المشكلة‏ ‏تكمن‏ ‏في‏ ‏من‏ ‏استولى‏ ‏على‏ ‏الخوف‏ ‏البشري‏ ‏من‏ ‏المجهول‏ ‏وبدا‏ ‏بتهديد‏ ‏الناس‏ ‏نعم‏ ‏قد‏ ‏استخدم‏ ‏الدين‏ ‏بالطريقة‏ ‏الخطا‏ ‏فبدل‏ ‏ان‏ ‏تكون‏ ‏عبوديتنا‏ ‏لله‏ ‏فحسب‏ ‏اصبحت‏ ‏للعلماء‏ ‏والمذاهب‏ ‏وغيرها‏ ‏نعم‏ ‏قد‏ ‏ولدنا‏ ‏احرارا‏ ‏لكن‏ ‏ان‏ ‏سلمنا‏ ‏عقولنا‏ ‏للتبعية‏ ‏اصحنا‏ ‏عبيدا‏ ‏

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *