كل مقالات LAHYANI rachid

LAHYANI rachid

حول LAHYANI rachid

رشيد اللحياني، مجاز في علم الإجتماع، مدون مغربي، لي تجربة مهمة في مجال الإعلام الإلكتروني ... ستكون تدويناتي متنوعة، بين القضايا الشبابية، والإقليمية، المحلية والدولية ... مرحبا في مدونة "صوتي" للتواصل معي: https://www.facebook.com/Rachid.lahayni

لا أنام لأحلم … أنام لأنساك

 

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

أنام لأنسى وحدتي ووحشتي في وطني

أنام لأنسى حزني وكآبتي في وطني

لا أنام لأحلم

أنام لأنساك

حتى في النوم لا أستطيع أن أنسى

تراودني كوابيس الوطن

كوابيس مرعبة

أنام،  أستيقظ ، ولا شيء يتغير

لا أرى غير القتامة والظلم

لا أحد هنا يبتسم

الكل غارق في بحر من الأحزان

يندب حظه التعيس الذي رماه في أسوأ الأوطان

إلى متى يا ترى

إلى متى سأنام

لا لأحلم

لكن لأنساك 

آســــف …

صورة تعبيرية من تصميم صديق مقرب

لك أيها الوطن الجريح أنقل أسفي

لك أيها الوطن الكئيب أشكو حزني

آسف يا وطني فقد أذاقوك طعم الخيانة وذقناها معك

آسف يا وطني فقد عبث بك العابثون

آسف لأني لم أعد أقوى على العيش بين سارق وكاذب، بين منافق وخائن

آسف لأني سأهجرك يوما تاركا ورائي أطلالا أندبها ساعة الرحيل

آسف لأنهم هناك صامتون

صرخت ملء حنجرتي وعاد صدى صوتي بعد أن ردته الجدران

لم أعد أسمع سوى صوت  أنين صامت

الحزن والكآبة منقوشان على بابك يا وطني

أحب أيها الوطن لكن …

أتركني أيها الوطن ، أريد الرحيل

لماذا تشدني إليك كأم تحضن وليدها الصغير

لقد أعطيت كل شيء لمغتصبك

نحن أهلك ولم تبتسم يوما في وجوهنا

ابتسمت في وجوه من اغتصبوك

فل تستمر ابتسامتك لهم

فأنا راحل ولن أعود

العلاقات المغربية الإسرائيلية : تعاون خفي وملف يلفه الغموض

صورة تجسد العلاقات المغربية الإسرائيلية - من تصميمي -

تخرج بين الفينة والأخرى مظاهرات تندد بالتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وذلك عند انفجار فضيحة زيارة وفد دبلوماسي مغربي لإسرائيل، أو حينما يتم الكشف عن مصادر بعض المنتوجات القادمة من الدولة العبرية والتي يستهلكها المواطن المغربي بسداجته المعهودة، ليستيقظ في الصباح  ويعلن تضامنه مع الشعب الفلسطيني ضد بطش الكيان الصهيوني …

العلاقات المغربية الإسرائيلية علاقات يلفها الغموض والتعتيم السياسي والإعلامي، ومجرد التفكير في اقتحامها قد يولد حساسيات كبيرة، ففي إثباث وجود علاقات مغربية إسرائيلية ضرب في خطابات وشعارات بل وفي شخصيات بارزة في المجتمع المغربي ..

يحدثنا مجموعة من المفكرين في كتاباتهم الصحفية والأكاديمية، عن وجود فعلي لعلاقات مغربية إسرائيلية خاصة في عهد الراحل الملك الحسن الثاني، ففي كتابه “ربيع السيانيم” أو “مخبري الموساد” الصادر بفرنسا يحدثنا ” جاكوب كوهين” وهو كاتب فرنسي من أصل يهودي مغربي، عن تعامل يهود مغاربة في مراكز اتخاذ القرار مع أجهزة الموساد (الإستخبارات الإسرائيلية)، ويوجه اتهاما صريحا للمستشار الملكي “أندري أزولاي” باعتباره ساهم في توطيد العلاقات المغربية مع إسرائيل، وظل يلعب لأكثر من 20 عاما دور رجل الظل والوسيط السري…، وأضاف ” جاكوب” أن المستشار الملكي يعمل على ترسيخ الوجود الإسرائيلي في الأوساط العربية الحاكمة ، وأنه لم يقم بأية خطوة لصالح القضية الفلسطينية التي طالما صرح بكونه عمل لأزيد من خمسين سنة لصالح إقرار السلم والسلام بدولة فلسطين .

ويحدثنا ” يوسي ميلمان” الصحفي الإسرائيلي ضمن جريدة “هاريتس الإسرائيلية” ، كون الحسن الثاني الزعيم العربي الثاني بعد الملك حسين ملك الأردن، الذي أقام قنوات اتصال مع الدولة العبرية تركزت في البداية على هجرة اليهود إلى الدولة حديثة النشاة .

ونجد أيضا شهادات لضباط عملوا في الإستخبارات الإسرائيلية، ومن بينهم “شمونيل سيكي” الذي أشار على غرار “جاكوب كوهين” إلى العلاقات المغربية الإسرائيلية، وتحدث ضمن كتابه “الرابط المغربي” عن دور النظام المغربي في تهجيير حوالي 80 ألف يهودي مغربي إلى إسرائيل …

وتؤكد مصادر استخبراتية إسرائيلية عن وجود تعاون مغربي إسرائيلي على عهد الحسن الثاني لأكثر من 50 سنة، وكان للدولة العبرية كبير فضل في الحفاظ على النظام الملكي في عهد الراحل الحسن الثاني، بل لعبت المخبارات الإسرائيلية دورا طلائعيا في فضح الأيادي المتآمرة لقلب النظام المغربي آنذاك.

وفي السياق ذاته، وكتأكيد على العلاقات المغربية الإسرائيلية، وجه الصحفي المصري محمد حسين هيكل إتهاما حاد اللهجة للملك الراحل الحسن الثاني، متهما إياه بالتعاون القوي  مع إسرائيل، وتساءل عن ” الحرص الزائد للملك الحسن الثاني على استضافة أكبر عدد من مؤتمرات القمة العربية والإسلامية التي تتعرص لمناقشة الصراع العربي الإسرائيلي (…)، ويضيق أن أكبر المسؤولين الإسرائيليين يقولون بحضور جهاز المخابرات الموساد في قلب القاعات التي تعقد فيها القممم العربية والإسلامية، وكانت لديهم وسائل تنصت،أي أن جهاز الموساد كان طرفا حاضرا في هذه الإجتماعات وإن لم يكن مرئيا ” يضيف حسين هيكل .

تبقى العلاقات المغربية الإسرائيلية من المواضيع الحساسة التي لا يثيرها إلا القليلون داخل الحقل السياسي والثقافي المغربي، بل ويتجه العديد من النشطاء إلى نفيها قطعا  ليؤكدها آخرون من جهة أخرى، وما إغلاق مكتب الإتصال الإسرائيلي بالرباط إلا إعلان عن علاقات قديمة كانت، وميلاد لاستراتيجيات جديدة للتواصل يطبعها الخفاء والتعتيم الإعلامي والسياسي …

الحراك العربي الجيوسياسي بين الثابث والمتغير -الجزء2-

ثورة الثورة التونسية ويكيبيديا

يصعب أن نتكهن مصير ووجهة العالم العربي بعد سلسلة الوقائع الدامية التي شهدها ومازال , ومن الصعب أيضا ان نقدم احتمالات نظرية او تنبؤات لاجواء الطقس المرتقبة في سماء الشعوب العربية…

إن العالم العربي يشكل حالة استثنائية في العالم ككل، يحدثنا التاريخ عن شعوب كثيرة أحدتث بفضل حراكاتها نهضة كبيرة خولت لها أن تدخل قائمة الديموقراطيات العريقة ،وسيجل التاريخ من جهة أخرى المجازر التي ارتكبت في شعوب العوالم العربية باسم الحرية والديموقراطية ورفع الحيف والظلم،إن العالم العربي اليوم أصبح أضحكوة العالم الغربي، ومسرحية درامية لا تنتهي فصولها، لم تستفد الشعوب العربية مما وقع، بقدرما استفادت جهات خفية تواصل تنفيذ مخططاتها الإمبريالية…

وبالعودة لكتاب “صدمة الثورات العربية” ، الذي انطلق من مقولة “إذا استطاع الشباب إسقاط الديكتاتوريات والوزارات وتغيير حكومات فإنهم لم يغيروا لا المجتمع ولا العقليات ، والسبب وراء عدم اكتمال التغيير حسب مؤلف الكتاب، هو أن هذا الحراك هو حراك دون إديولوجيات ودون قائد، ومارأيناه لا يعدو أن يكون غير إديولوجيات غضب .

إن التوترات الشرق أوسطية اليوم، والإضطرابات التي تعرفها شمال إفريقيا والمطبوعة بالإحتقان السياسي ، لتؤكد النية المبيتة للإمبريالية الغربية، وسعيها الحثيث لبناء شرق أوسط جديد، وعالم عربي بمواصفات غربية، يستجيب لمتطلعات الدول العظمى ويخدم مصالحها ولو على حساب حياة الشعوب …، بشاعة ما يحدث في العالم العربي لتأكيد صريح على خيانة الحكام  لأوطانهم وشعوبهم، وتحالفهم مع المستعمر الجديد …

الثابث إذن في الحراك السوسيو سياسي العربي هو الفقر والتهميش والإقصاء، واستفحال الأزمات، والمتحول هو ازدياد الخسارة الإقتصادية والبشرية  في الدول التي عرفت حراكات بين الوهم والحقيقة.

قد كان العالم العربي قبل الحراك يسير ببطء نحو الأسوء، لكن  ما يسمى بالربيع العربي عجل من وتيرته ووصل للهاوية قبل الموعد المحدد، وهوما بعثر أوراق بعض القادة فانسحبوا فور تيقنهم من الفشل , وفي المقابل ساهم (الحراك) في إعادة ترتييب أوراق قادة آخرين، واستبدالها بأخرى تليق بالمرحلة القادمة ، ليتمكنوا من التربع  لفترة أخرى في عروشهم الذهبية.

إن الربيع الحقيقي هو ربيع تزهر فيه الشعوب العربية، وتشرق فيه شمس الحرية، وتستنشق فيه الشعوب العربية قيمة الكرامة والديموقراطية وحقوق الإنسان …، وما  دامت هاته الشمس لم تشرق بعد، فلن نسمي ما حدث ثورة ، مالم يتحقق ما استطاعت الثورة الفرنسية تحقيقه , ولما لا نتجاوزه للأمام.

الشعوب العربية تحتاج لإرادة سياسية حقيقية، تترجم في إعطاء قيمة للمواطن ومنحه حقوقه والحفاظ على كرامته، نحن بحاجة لممارسة سياسية في ذاتها، ممارسة سياسية لا خداع فيها ولا مكر، يمارسها سياسي نبيل، أن تكون سياسيـا نبيلا وجب عليك أن تكون بطلا والبطل يموت في النهاية .

الحراك العربي الجيوسياسي بين الثابث والمتغير -الجزء1-

ثورة الثورة التونسية ويكيبيديا

  لن يستقيم القول في اعتقادي- في علم السياسة نظريا وفي طلب السلطان تمرسا عن الثوابث و المتغيرات، لاننا أولا داخل منطقة زئبقية حربائية خاضعة لمنطق المتغير الثابث والثابث المتغير – قد يتغير كل شيء من اجل الا يتغير أي شيء- ثانيا القراءة للممارسة السياسية اليوم في المنطقة العربية لا نستطيع ان تقدم احتمالات نظرية او تنبؤات لأجواء الطقس المرتقبة في سماء الشعوب العربية( من كان يتوقع جمالية ثورة تونس ونموذجية مصرو تراجيديا القدافي و ماساوية سوريا متى ستتوقف…)، فالسحابة حبلى قد تمطر غيثا وقد تصب ويلا وقد تمر السحابة الى افق اخر ويؤجل الربيع .

انها لعبة استعراض العضلات بين الحكام والشعوب او لنقل لعبة الظهور والاختفاء كمخاض لميلاد شيء جديد قد نسميه ديمقراطية او ما يشبهها او قد يكون كائنا عجائبيا من يدري انها لعبة السياسة ومنطق تقدم التاريخ لاثابث فيه ولا متغير بل جدلية في ديمومة

  والحراك العربي اليوم، قد طرح ولا زال يطرح العديد و العديد من الأسئلة، هل هو حراك ذاتي أم هناك محرك خفي وراء ما عرفته بعض المجتمعات العربية والمغاربية؟

لا أحد يستطيع أن ينكر  التغيرات التي أحدتثها هذا الحراك السوسيو سياسي في جل الدول الثائرة، والتي وصلتها شرارات الثورة كذلك، فمن كان يستطيع أن يصيح بحنجرته قائلا ” نريد إسقاط النظام ” إلا بعد أن تحركت الشعوب شعبا تلوى الآخر …

  إن هذه التحولات التي تظهر جليا على مستوى الحريات والحقوق …, تخفي في طياتها ثابتا ظل قائما قبل وبعد الحراكات المتكررة، فقد نرى في مختلف وسائل الإعلام ، أن هاته الدول الثائرة مقبلة على عهد جديد لم يسبق لها أن رأت مثله، عهد سيحيى فيه أفراد المجتمع في نعيم وسلام…، لكن واقع الحال يرينا مرارة ما يحدث و يزكي زيف ما نقلته وسائل الإعلام، فهذا الحراك لم يغير شيئا يذكر، عدى الأشخاص وبنود الدساتير …،هذا بالنسبة للدول التي شرعت في محاولة تحقيق مطالب ثورتها وانتهى بها المطاف لمجازر بشرية بشعة، أما الأخرى التي تستعد لتخطو خطوتها ، فقد تفاجئنا إن هي غيرت مجرى الأمور وحققت ما يطمح الشعب إلى إحقاقه ،  وقد تزيد تشاؤمنا إن هي سارت على خطى سابقاتها .

  إن هاته التغيرات وكما سبق أن أشرنا , لا محالة تسير بالعالم العربي لوجهة معينة ، فمن جهة نظن أنا العالم العربي سيتربع على كرسي الدول الديموقراطية ، ويتبوء منزلة حسنة ليفرض نفسه بين الدول العظمى ، ومن جهة أخرى نراه تابثا مكانه لا يتحرك.

ومادام العالم العربي تابعا سياسيا واقتصاديا …  فإنه لا محالة لن ولم يخطو خطوات جريئة للأمام ،بل سيوهمنا حكامه بأنه سائر في طريق التقدم لكنه في حقيقة الأمر أشبه ما يكون بمياه راكدة لا تتحرك أبدا.ويحق لنا أن نتساءل إلى متى سيظل العالم العربي جامدا لا يتحرك إلا للهاوية ؟ وإلى متى  سيحكم القدر على المواطن العربي بالشقاء داخل بلده ؟ وهل سيحقق العالم العربي يوما نهضته المنشودة؟

الوطن للجميع …

رسم كاريكاتوري لسام فلطسطيني

متى ستشرق شمسك أيها الوطن الكئيب؟

متى ستزول الضبابة السوداء المظلمة التي تحجب النور؟

متى ستزول غربتنا فيك أيها الوطن؟

 أقسى غربة يمكن أن يعيشها الإنسان هي الغربة في الوطن، وطن لا يحس فيه الفرد لا بقيمته كشخص ولا بكرامته كإنسان، وطن يتمنى فيه الحاكم أن يبيد الكادحين فهم مزعجون ووجدوا في هذا الوطن عن طريق الخطأ، حاكم يقول

” الوطن لي” وأنتم خدمي، وطن لا حق لك فيه سوى أن تدلي بصوتك يوم الإنتخابات المحددة سلفا نتائجها …

 لا حق لك في وطنك، تحس بالتيه والضياع، بالحيرة والدهشة أيضا، ماذا أفعل هنا كمن  ضل طريقه فاستعصى عليه الرجوع، وفقد من هول الصدمة وعيه،  فلم يعد يعرف لا من أين أتي ولا أين يسير …؟

أنعم الله على أوطاننا بخيرات وثروات طبيعية كثيرة ومتنوعة، تكفي لتجعل الشعب يعيش عيشة كريمة وتضمن له مواطنته وحقوقه الطبيعية التي لم يرها منذ وجد نفسه غريبا في هكذا وطن، احتكار ثروات الوطن يجعل فئة عريضة من الشعب تعيش الإقصاء والتهميش و اللاعدالة اجتماعية…، وتكرس الطبقية والفقر والقهر المعنوي والمادي …

إن الديموقراطيات العريقة، تجعل ثروات بلدناها في خدمة شعوبها، فالثروات توزع عن طريق تسهيل الولوج للمرافق الصحية والتعليمية والإقتصادية، وضمان استفادة كاملة وغير مشروطة لكل مواطن كائن ما كان، بلا تمييز ولا إقصاء، وخلق مشاريع حقيقية تضمن دخلا كريما للمواطنين وتضمن حقهم في الشغل …

إنها بلدان تعي جيدا أن ببناء الشعوب نبني الحضارات، تدبير سليم للموارد يجعل الإنسان يحس بأن له قيمة في وطنه، فيستشعر وطنيته ويدافع عنها باستماتة …

الوطنية ليست مجرد كلمة عابرة، الوطنية تبنى، وبناؤها رهين بمدى ديموقراطية الدولة، فالوطنية لا ترتبط بالشعب، بل تبدأ من الحاكم إلى آخر مواطن …، وطنية الحاكم تتجلى في مدى حبه لشعبه ووطنه، تتجسد وطنية الحاكم في تسخيره لثروات الوطن لخدمة الشعب والرقي به، وطنية الحاكم تقتضي منه أن لا يحتكر لنفسه خيرات البلد، وطنية الحاكم تلزمه بأن يحب لأبناء الشعب ما يحبه لأبنائه، والوطنية فعل صادق ينعكس إيجابا على أفراد الشعب، وليس خطابات رنانة سئمها الكبير والصغير …

 لا تطالب أحدا بأن يكون وطنيا وأنت لا تمث للوطنية بصلة، حب الوطن شيء والوطنية التي تريدونها شيء آخر، الوطن بريء منكم والوطنية أيضا بعيدة عنكم، نحس اليوم بالغربة، وغدا سنسترجع أوطاننا … الوطن ليس ملكا لأحد، فالوطن للجميع.

قراءة في الأنظمة الملكية العربية

صورة ملوك العرب، ثورة شخصية
 

يصير لقب ملك بلا معنى في غياب شعب يضمن استمرارية المُلك، ويصبح شخص الملك قالبا فارغا وفزاعة قد لا تهابها حتى العصافير في الحقول …

لا الجيوش تصنع الملوك، ولا الحاشية تضمن استمرارية المُلك، قد ينقلب الجيش ضد الحاكم فيصبح الملك عبدا والعبد سيدا، كما تتفن الحاشية في وضع الدسائس وتدبير المكائد، ليصبح الأخ عدوا يطعن أخاه ويخون ثقته ويضرب عرض الحائط رابط القرابة الدموية من أجل أن يصبح هو الآخر ملكا …

 كل الأنظمة الملكية المتواجدة اليوم بالعالم العربي، تربطها روابط متينة وعلاقات صداقة قوية، لا لشيء إلا لغاية في أنفس الملوك قضوها، فإذا اهتز عرش ملك في الخليج سيهتز الآخر في مكان ما من ربوع الوطن العربي … وليس من مصلحة أي ملك أن يهتز عرش صديقه الملك فقد اعتادوا جلسة الملوك …

والنظام الملكي شبيه لحد ما بالثيوقراطية التي سادت أوروبا القرون الوسطى، والتي تم القضاء عليها بفضل نضالات مفكري عصر الأنوار ..، الملكية تضرب في العمق كل مبادئ الديموقراطية التي نصت عليها المواثيق الدولية ومنها حق الشعوب في تقرير مصيرها.

الأنظمة الملكية التي لا تزال قائمة اليوم في الدول العربية، تكاد تعد على رؤوس الأصابع، لها غاية مشتركة هي الحفاظ على استقرارها في ظل التوترات التي تعرفها المنطقة والعالم ككل، و ضمان نقل سلس للحكم من الأب الملك لابنه أو أخيه الأمير تكريسا لنظام الحكم بالوراثة …

الأنظمة الملكية العربية هي أنظمة بلا شعوب، تحكم بقوة السلاح وتفرض الولاء والخضوع، إنها لعنة تسبب فيها الأجداد وتجرع مرارتها الأحفاد …

للشعب قوة تضاهي قوة الجيوش والأسلحة التي يبرع الملك في العناية بها، فهي من تعبد الطريق للملوك، وتضمن استمراريتهم…، تعلمنا أن الجندي يدافع عن وطنه ضد الأعداد وأن الرصاصة صنعت لقتل العدو المعتدي …، لنكتشف أن الجندي يدافع عن كرسي ليضمن استقراره ومستعد لأن يرمي الرصاص على أبناء الوطن … فالوطن لديه هو ظل العرش.

لا تطالب الشعوب بأكثر من العيش الكريم، مطلب بسيط من شأنه أن يتحقق إذا وزعت ثروات الوطن بعدل ومساواة، واستفاد الكل من نصيبه بدلا من الطبقية الفاحشة التي تسترزق من جوع الكادحين …

ملك بلا شعب، ملك وحيد، ملك لن يستمر طويلا، فالشعوب ستقول يوما كلمتها وستصنع الحدث، فهي تعي جيدا أن ثمن الحرية فادح وأن السكوت للذل أفدح ..

في بلاد الألمان …

 

في بلاد الألمان ... ثورة التقطها في ألمانيا

 

ناذرا ما تكتمل الأحلام في وطن الغربة والتيه، وقلما ينصف القدر أحد أبنائه برؤية أحلامه أو جزء منها تخرج للوجود معلنة ميلادها.

أصعب إحساس يمكن أن تستشعره هو الغربة في الوطن، وقفت أتأمل ما الذي قدمه لي وطني ؟ فلم أجد أي جواب لسؤالي ، ببساطة لم يقدم لي أي شيء …

كنت أحلم أن يأتي يوم أستنشق فيه نسيم أوروبا العليل، أن أجوب شوارعها النظيفة، أن أقف متأملا كيف بلغت شعوبها تلك الحضارة التي سمعت عنها دائما …

إستجاب القدر، وكنت عضوا ضمن بعثة علمية ، ممن سيحلون ضيفا على جامعة فرانكفورت بألمانيا لمدة أسبوع.

كانت الصدمة كبير منذ أول موطئ قدم لنا هناك، وكان أول ما فعلته هو استنشاق هواء أوروبا الذي طالما حلمت باستنشاقه … كان رائعا روعة ألمانيا …

ألمانيا بلد تجاوزنا بملايين السنين الضوئية، كفانا من التفاؤل المفرط لحد المثالية، لن نبلغ ما بلغه شعب الألمان قط، لنفترض جدلا أننا سنصله ذات يوم، كم من السنين ستكفينا؟ وهل سيبقى هذا الوطن كل تلك السنين حتى يحقق شيئا ما بلغه الالمان؟

أسئلة لا تحتاج لأن يجيب عنها أحد.

أحس بحزن شديد عتدما أتذكر أني سأعود للمغرب، سأعود للغربة من جديد بعد أن أستشعرت حقيقة الوطن في بلد لم أولد فيه، بلد لا أعرف لا لغته ولا تقاليده … ، ورغم ذلك قد انشرح صدري منذ أول يوم لي فيه، ليست الغربة دائما البعد عن الأقارب والأحباب، أو الهجرة لوطن غير الذي ترعرعت فيه، الغربة هي أن تولد في بلد لا يتذكرك إلا في حال الحروب وغزو المستعمر  ليجندك ضد العدو، الغربة هي أن تجد نفسك في وطن يجعل من  مطالبنك بحقوقك الطبيعية جريمة يعاقب عليها القانون، الغربة هي أن تحس بالتيه والضياع في وطنك، الغربة هي أن تبلغ  العشرينات من العمر وما تزال عبئا على والديك، الغربة هي أن لا تجد للإستقرار المادي والنفسي سبيلا في وطن كهذا الوطن، الغربة هي هذا الوطن …

في ألمانيا يستشعر الفرد قيمته كشخص وكرامته كإنسان، يعيش غالبية الألمان رفاها اجتماعيا واقتصاديا، يعيشون ليومهم فتجدهم يلملؤونه فرحا وبهجة، في كل مساء تجد في المدينة لوحات فنية وثقافية متنوعة، تجسد حضارة الشعب الألماني، وتوحي برقيه الفكري …، ألمانيا دولة تعطي قيمة لأفرادها وتعرف أن بناء الدولة والوطن متوقف على أفراد المجتمع.

شوارع نظيفة، مواصلات متنوعة وحديثة، جامعات تواكب آخر البرامج التعليمية وتساير التقدم العلمي، وتوفر لأبناء المانيا فضاء حقيقيا للدراسة والتعلم، نظام تعليمي غاية في الدقة يساير حاجيات الدولة ويخرج طاقات تعمل على إنماء المجتمع.

أطر جامعية غاية في التواضع، رئيس جامعة يدخل بكل بساطة ليتناول وجبة الغذاء إلى جانب الطلبة، وأساتذة يتجولون بدراجتهم الهوائية في رحاب الجامعة …

طلبة مجدون يقومون بكل شيء غير أن كتبهم لا تفارق أناملهم …

تحدث بعض زملائي في البعثة عن العنصرية، أمر غريب جدا، نحن دائما نبحث عن المشكل في غياب المشكل، لا أرى أبدا أن دولة سمحت لأكثر من 150جنسية بالتواجد في أراضيها أن نقول عنها عنصرية، إن الفئات المهاجرة هي من تكون صورة سلبية لدى الالمان، وما أكثر الجرائم التي يرتكبها بعض المهاجرين هناك …

يقال بأن سلوكات بسيطة، كالنظرة مثلا قد تجسد تعبيرا عنصريا رمزيا، أرى بأن المشكل هو مشكل ثقافي باللأساس، هذا الأخير يولد صراعا ثقافيا رمزيا بين السكان الأصليين والمهاجرين…

فقد تحس بأن بعض الألمان ينظرون إليك وأنت تتناول مثلا وجبة من الوجبات، مشكل وقع لنا جميعا أعضاء البعثة، وبعد مدة من إقامتنا هناك اكتشفنا أننا نضع في الإناء أضعاف ما يضعه الطلبة الألمان في أوانيهم،ونراه أمرا عاديا، لنكتشف بعد مدة أن ثقافة الأكل عندنا تختلف تماما لديهم …

أمور كثيرة ربما نراها عنصرية إلا أنها وبعد إعمال عقل واحتكاك مباشر تتضح أنها لا تمث للعنصرية بصلة، فكيف يمكن أن تعرف أن الألمان عنصريون وأنت لا تعرف حتى لغتهم ولم تحتك بهم بالدرجة التي تمكن من فهم ثقافتهم وفك رموزها … فاللغة هي المدخل الأساس لفهم اي ثقافة، ونحن لا نعرف حتى لغتهم ونحكم على بعضهم أنه عنصري، فقط لأنه نظر إلينا باستغراب…

ألمانيا دولة بلغت من الحضارة مبلغا لسنا ببالغيه، والعيش في ألمانيا يعلمك معنى أنك إنسان، بمجرد أن ترى الآخر تفهم معنى الوطنية والمواطنة والإنسانية، تفهم معنى الحقوق والواجبات، تعرف معنى القانون فوق الجميع، تفهم معنى العدل والديموقراطية … مفاهيم مجردة في وطننا نعرف فقط كيف نكتبها ونبحث عن معناها في الكتب، ونحلم بها في أحلامنا الوردية …

ألمانيا وطن، لا غربة فيه ولا ضياع، حتى المشردون تسعى الدولة جاهدة لتكفل لهم حقوقهم، المدمنون يحتضنهم وطنهم، كل الفئات التي نراها مهمشة في وطننا،  نجدها في المقابل تلقى عناية ودعما ماديا ومعنويا في ألمانيا الوطن الحقيقي …

المهاجرون أنفسهم توفر لهم الدولة حقوقهم التي تكفل لهم إنسانيتهم، وتحفظ لهم كرامتهم، إن كانت العنصرية في المانيا فلماذا لا تعود لوطنك الأم؟

لقد وجد كل مهاجر في المانيا حلقة ضائعة من ذاته وكيانه، فقد كل شيء في وطنه الأم، ولولا العاطفة التي تشده لأهله وذويه لنسي أنه كان يوما في وطن غير ألمانيا …

أن تزور ألمانيا يعلمك الكثير، أمور لا يمكن أن تقرأ عنها أو تسمعها من أحد …، زيارة ألمانيا أكدت لي فعلا أني غريب في هذا الوطن، زيارة المانيا جعلت حلم الهجرة يتعمق في دواخلي، في ألمانيا اكتشفت معنى أن تكون إنسانا، معنى أن تكون مواطنا، معنى الكرامة ومعنى القيمة … وفي ألمانيا اكتشفت معنى الوطن …