أرشيفات التصنيف: دين

الإسلام في المغرب مزيج بين الخرافة والدين

الإسلام في المغرب مزيج بين الخرافة والدين يشكل الإسلام في المغرب مزيجا بين الخرافة والدين، بين بقايا وثنية وأخرى دينية، يميز علماء اجتماع الدين وأنتروبولوجيا الأديان، بين الإسلام الشعبي وإسلام آخر معياري، أما الأول فهو عبارة عن تأويل للنص الديني تعكسه ممارسة دينية تنافي تماما مع ما ينص عليه النص المعياري سواء في القرآن أو السنة،ويجسد نوعا من الجدل العميق بين النص الرسمي للدين(الإسلام المعياري)والتمثلات الخاصة بالتدين ، والآخر (الإسلام المعياري) فهو عبارة عن عقيدة مطلقة يحددها اللاهوت الإسلامي وتترتبط ارتباطا وثيقا بالنص الديني1.

 يأتي تدين المغاربة ليختلف عن تدين باقي المسلمين في العالم، بل قد تختلف الممارسة الدينية من منطقة إلى أخرى داخل المغرب نفسه، فتأتي الصلاة كركن أساسي من أركان الإسلام وعماد الدين لتتجسد في ممارسة شعبية بامتياز، فنفس الصلاة التي يمكن تأديتها في 10 أو 15 دقيقة سيؤديها البعض في 1 دقيقة ليأتي الآخر ليؤديها في أقل من ذلك، بل حتى طريقة تأديتها تختلف ، فيعتقد الفقيه أنه يؤديها بالشكل الصحيح، ويظن العامي أنه هو الآخر قد مارسها وفق ما ينص عليه الكتاب والسنة، في نفس الأسرة تختلف الممارس الشعائرية، فالجدة لها صلاتها الخاصة، وللزوجة أيضا طريقتها في الصلاة، وللزوج أيضا ممارسته الخاصة، وكل يعتقد في نفسه أن صلاته هي الصحيحة لأنه أداها كما قال الله ورسوله …، سنذهب أبعد من ذلك فحتى أئمة المساجد أنفسهم تختلف طرق ممارستهم لفريضة الصلاة، فقد وقفت على هذا الفرق في مناسبات كثيرة خاصة في بعض المناطق النائية الأمازيغية بمنطقة سوس ، وفي هذه المناطق قد يؤخر بعض الأئمة تأدية الصلاة وربما قد يدخل وقت الصلاة الموالية وهو لم يصل بعد، وتجد لكل ممارسة تفسيرا دينيا معينا، ويتبعه في ذلك جماعة من الناس تصلي وراءه، فالفقيه هو الحامل لكلام الله والعالم بأمور الدين والدنيا وبالتالي أي مناقشة أو تساؤل لن يفيد بل لن يؤدي لأي نتيجة … وترجع الإختلافات العديدة التي تتسم بها الممارسات الدينية للإسلام لاختلاف الأوضاع الطبقية والأدوار الإجتماعية للأفراد المنتمين ذات العقيدة الإسلامية .

حتى في الوضوء للصلاة نجد تباينا كبيرا واختلافا واضحا، ففي المكان المخصص للوضوء المجاور للمسجد، ستجد مثلا 20 أو 30 شخصا أو يزيد، فلكل شخص من هؤلاء وضوءه الخاص كما له صلاته الخاصة أيضا، إن هذا الإختلاف يرجع إلى المتخيل الديني لكل فرد من هؤلاء، فكل واحد منهم سمع من هنا أو هناك أن هذه هي الطريقة الصحيحة للوضوء، أو رأى فقيه المسجد يتوضأ على ذات الشاكلة، وبالتالي فممارسته على ذلك النحو تستمر معه طيلة حياته لأنه أصلا لا يعتقد في مخالفتها للنص المعياري، بل ممارسة الآخر هي التي تشوبها شائبة، أما هو فقد رأى الفقيه يتوضأ ويصلي على النحو الذي يفعل ، أي أن صلاة الآخر ووضوءه هو الخطأ، وهكذا يرى أن كل ممارسة دينية لدى اللأخر خاطئة وصلاته هي الصحيحة … ما يجعلنا نتساءل هل توجد صلاة وممارسة دينية كما جاء بها النص الديني قرآنا كان أم سنة ؟

إن الصلاة لم تعد توجد إلا في النصوص الدينية المعيارية، والممارسة الدينية اليومية للمغاربة تختلف تماما مع النصوص المعيارية، وتتناقض جملة وتفصيلا مع ما جاء به النص الديني، “صلو كما رأيتموني أصلي”، “إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا”، وغيرها من النصوص المعيارية التي تبقى حبيسة النص ذاته، ولا تعكسها الممارسة الممارسة اليومية للمغاربة. ويذهب المتخصصون في سوسيولوجيا الأديان،أن مجمل المعارف الفقهية لا تشكل قانونا دينا يفرض بالضرورة تطبيقه والتقيد به، بقدرما يمثل توجيهات أخلاقية لا تفسر الوجود الإجتماعي لمجموعة من الممارسات التي لا تنضبط للقواعد الدينية المجمع حول طابعها الإلزامي، كما أن هذه المعارف الفقهية وفي العديد من اجتهاداتها وأحكامها تبدو معارف قديمة وغير متناغمة مع الأسئلة المستجدة التي تطرحها الحياة الإجتماعية المعاصرة مما يجعل الكثير من تأويلاتها مفتقدة للقدرة على الإستجابة لأسئلة الأزمنة الراهنة ومشاكلها الجديدة، وحتى بعض الأحكام الفقهية لم يعد لها تأثير ديني على الحياة الإجتماعية(كالزنا والربا مثلا…)2.

——————————————————————————–

1-ذ.رشيد اوترحوت ” انتروبولوجيا العالم الإسلامي: مدخل لدراسة الظاهرة الدينية “.

2- نفسه.