تخرج بين الفينة والأخرى مظاهرات تندد بالتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وذلك عند انفجار فضيحة زيارة وفد دبلوماسي مغربي لإسرائيل، أو حينما يتم الكشف عن مصادر بعض المنتوجات القادمة من الدولة العبرية والتي يستهلكها المواطن المغربي بسداجته المعهودة، ليستيقظ في الصباح ويعلن تضامنه مع الشعب الفلسطيني ضد بطش الكيان الصهيوني …
العلاقات المغربية الإسرائيلية علاقات يلفها الغموض والتعتيم السياسي والإعلامي، ومجرد التفكير في اقتحامها قد يولد حساسيات كبيرة، ففي إثباث وجود علاقات مغربية إسرائيلية ضرب في خطابات وشعارات بل وفي شخصيات بارزة في المجتمع المغربي ..
يحدثنا مجموعة من المفكرين في كتاباتهم الصحفية والأكاديمية، عن وجود فعلي لعلاقات مغربية إسرائيلية خاصة في عهد الراحل الملك الحسن الثاني، ففي كتابه “ربيع السيانيم” أو “مخبري الموساد” الصادر بفرنسا يحدثنا ” جاكوب كوهين” وهو كاتب فرنسي من أصل يهودي مغربي، عن تعامل يهود مغاربة في مراكز اتخاذ القرار مع أجهزة الموساد (الإستخبارات الإسرائيلية)، ويوجه اتهاما صريحا للمستشار الملكي “أندري أزولاي” باعتباره ساهم في توطيد العلاقات المغربية مع إسرائيل، وظل يلعب لأكثر من 20 عاما دور رجل الظل والوسيط السري…، وأضاف ” جاكوب” أن المستشار الملكي يعمل على ترسيخ الوجود الإسرائيلي في الأوساط العربية الحاكمة ، وأنه لم يقم بأية خطوة لصالح القضية الفلسطينية التي طالما صرح بكونه عمل لأزيد من خمسين سنة لصالح إقرار السلم والسلام بدولة فلسطين .
ويحدثنا ” يوسي ميلمان” الصحفي الإسرائيلي ضمن جريدة “هاريتس الإسرائيلية” ، كون الحسن الثاني الزعيم العربي الثاني بعد الملك حسين ملك الأردن، الذي أقام قنوات اتصال مع الدولة العبرية تركزت في البداية على هجرة اليهود إلى الدولة حديثة النشاة .
ونجد أيضا شهادات لضباط عملوا في الإستخبارات الإسرائيلية، ومن بينهم “شمونيل سيكي” الذي أشار على غرار “جاكوب كوهين” إلى العلاقات المغربية الإسرائيلية، وتحدث ضمن كتابه “الرابط المغربي” عن دور النظام المغربي في تهجيير حوالي 80 ألف يهودي مغربي إلى إسرائيل …
وتؤكد مصادر استخبراتية إسرائيلية عن وجود تعاون مغربي إسرائيلي على عهد الحسن الثاني لأكثر من 50 سنة، وكان للدولة العبرية كبير فضل في الحفاظ على النظام الملكي في عهد الراحل الحسن الثاني، بل لعبت المخبارات الإسرائيلية دورا طلائعيا في فضح الأيادي المتآمرة لقلب النظام المغربي آنذاك.
وفي السياق ذاته، وكتأكيد على العلاقات المغربية الإسرائيلية، وجه الصحفي المصري محمد حسين هيكل إتهاما حاد اللهجة للملك الراحل الحسن الثاني، متهما إياه بالتعاون القوي مع إسرائيل، وتساءل عن ” الحرص الزائد للملك الحسن الثاني على استضافة أكبر عدد من مؤتمرات القمة العربية والإسلامية التي تتعرص لمناقشة الصراع العربي الإسرائيلي (…)، ويضيق أن أكبر المسؤولين الإسرائيليين يقولون بحضور جهاز المخابرات الموساد في قلب القاعات التي تعقد فيها القممم العربية والإسلامية، وكانت لديهم وسائل تنصت،أي أن جهاز الموساد كان طرفا حاضرا في هذه الإجتماعات وإن لم يكن مرئيا ” يضيف حسين هيكل .
تبقى العلاقات المغربية الإسرائيلية من المواضيع الحساسة التي لا يثيرها إلا القليلون داخل الحقل السياسي والثقافي المغربي، بل ويتجه العديد من النشطاء إلى نفيها قطعا ليؤكدها آخرون من جهة أخرى، وما إغلاق مكتب الإتصال الإسرائيلي بالرباط إلا إعلان عن علاقات قديمة كانت، وميلاد لاستراتيجيات جديدة للتواصل يطبعها الخفاء والتعتيم الإعلامي والسياسي …